مدينة تريم ، وهي واحدة من مدن محافظة حضرموت في اليمن ، هي التي وقع اختيار المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم (الإيسيسكو) لتكون عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2010 ، تنفيذاً لقرارات المؤتمر الإسلاميّ الرابع لوزراء الثقافة الذي عقد في مدينة الجزائر في يناير من عام2004 .
جاء اختيار تريم بسبب تاريخها الحافل بالتراث الإسلاميّ ، وتقديراً لدورها في نشر الإسلام في آسيا وافريقيا ، علاوة على ما اشتُهًرتْ به من دور العلم الإسلامي ، ومن ضمنها دار المصطفى للدراسات الاسلامية ، وكذلك ورباطها الشهير ، وتميزها بالطراز العمرانيّ الإسلاميّ ، والذي يتميز بفرادة قلّ أنْ يناظره فيها طراز عمرانيّ في مدينة إسلامية أخرى.
ومن المتوقع أن تنطلق فعاليات الاحتفال بهذه المدينة عاصمة للثقافة الإسلامية في شهر آذار مارس القادم ، بعد جهود كبيرة واستثنائية بُذًلتْ في ترميم كثير من المعالم التاريخية الإسلامية في المدينة نفسها ، من مثل قصر الرناد ، ناهيك بإنشاء مكتبة وطنية فيها ، ومكتبة للمخطوطات ، ومكتبة للأحقاف.
وكان من المتوقع أنْ يصار إلى تنفيذ عدد من المشاريع الخاصة بهذه المناسبة ، ومن بين تلك المشاريع: مشروع إسعافيّ للصرف الصحيّ ، ومشروع رصّ عدد من الساحات فيها ، وتعبيد نحو أربعة عشر كيلو متراً من شوارعها ، وإعادة ترميم عدد من الحصون والقلاع المحيطة بها ، وكذلك وإعداد تصاميم جمالية من اللوحات ثم لصقها على تقاطعات شوارع المدينة ، وإعادة تأهيل الاتصالات والكهرباء من إنارة لشوارعها ، والعمل على تكريس العناصر الجمالية للمدينة وإبرازها بحيث تعيد لها روح التاريخ وعبقه ، وسيكون ذلك كله ممزوجاً بمسحات المعاصرة.
كثير من الفعاليات الثقافية المتنوعة سوف يجري تنظيمها ، ومن ضمنها منها تكليف جامعات: صنعاء ، وعدن وحضرموت ، والأحقاف بتبني مؤتمرات ستضيفها مدينة تريم في ما يخص الثقافة الإسلامية ، ونشر الدين الإسلامي في كثير من المناطق الآسيوية والأفريقية. وستكون هنالك فعاليات ثقافية أخرى كاستضافة أسابيع ثقافية لعدد من الدول العربية والإسلامية من بينها ماليزيا ، وإندونيسيا ، وتركيا ، وسوريا ، وكينيا ، وتنزانيا.
الجدير ذكره ، أنّ باميلا جيروم ، وهي خبيرة أميركية في مجال العمارة الطينية ، تعمل على نحو دؤوب في سبيل إدراج المدينة من ضمن قائمة التراث العالميّ ، من ضمن المشاريع التي تنوي تنفيذها في اليمن ، خاصة أنّ منظمة اليونيسكو نفسها تبدي اهتماماً كبيراً بهذه المدينة التاريخية.
ومدينة تريم نفسها هي إحدى أهم مدن محافظة حضرموت ، وتشتهر بكثرة مساجدها وعلمائها ، حيث يبلغ عدد المساجد أكثرمن 360 مسجداً وذكر ابن العماد الحنبليّ في كتابه ""ذرات الذهب" أنّ من بين الأعلام الذين عاشوا في هذه المدينة شمس الشموس أبو بكر بن عبدالله باعلويّ ، الذي قال فيها: أعدل أرض الله هواءً ، وأصحها تربة ، وأعذبها ماء ، وهي قديمة عاش فيها الأولياء. ثم ذكر كيف انها كانت منشأً للعلماء ، وموطناً لهم ، وأنها مسكن للأشراف من آل باعلوي. ويعتبر العلامة عبدالله بن علوي الحداد ، والعلامة أبو بكر بن شهاب ، والشاطريّ من أشهر علمائها.
ومن العلماء الحاليين السيد سالم الشاطريّ ، وعلي مشهور بن حفيظ وأخوه عمر بن محمد بن حفيظ ، وعلي زين العابدين الجفري ، والشيخ علي سالم بكير ، وغيرهم كثير.
وساهم أهل تريم بنشر الدين الحنيف في العالم ، بخاصة جنوب شرق آسيا ، والهند ، وأفريقيا. ومن أشهر العائلات فيها عائلة الكاف ، والتي ينتمي إليها الشاعر حداد بن حسن ، وحفيدة الشاعر عبدالقادر الكاف. كذلك ينتمي إليها الفنان المعروف أبو بكر سالم.
ويوجد في تريم كثير من الأراضي الزراعية ، والبساتين ، والمعاهد العلمية (مثل رباط تريم للدراسات الإسلامية ودار المصطفى للدراسات الإسلامية ودار الزهراء للطالبات).
تقع مديرية تريم في الجزء الشرقي لمحافظة حضرموت ، وهي أقرب إلى منطقة وسط وادي حضرموت حيث يحدها من الشمال مديرية قف العوامر ، ومن الجنوب مديريتا ساه وغيل بن يمين ، ومن الغرب مديرية سيئون ، ومن الشرق مديرية السوم ، وتقدر مساحتها الإجمالية بنحو 2894 كم2.
وتتميز المديرية بسطح سهليّ منبسط تحيط به سلاسل جبلية من الجهتين الشمالية والجنوبية. وتقع على سطح المديرية عدد من الأودية التي تنحدر من الهضبتين ، أهمها: وادي عدم الذي ينحدر من الهضبة الجنوبية ، ووادي ثبي ، ووادي الخون التي تنحدر من الهضبة الشمالية.
وتصب كل هذه الأودية في المجرى العام في سهل المديرية ، والمسمى بوادي حضرموت حيث التجمعات السكانية ، والأراضي الزراعية ، والمعالم الأثرية والدينية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق